آخر الأخبارآخر الأخبارتقارير

معتقل سياسي يروي تفاصيل مؤلمة عن اعتقاله في سجون السلطة

كمعظم العائلات الفلسطينية قدمت عائلتي الأسرى ومارست النضال على مدار تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وأنا طالب جامعي أبلغ من العمر ٢٢ عاماً، وأعيش في قرية صغيرة، تقبع تحت الاحتلال الإسرائيلي وقبضة أمنية مشددة من أجهزة السلطة الفلسطينية.

تعرضت لتقارير كيدية تفيد بأنني قمت بإطلاق النار في حفل استقبال أسير فلسطيني محرر من سجون الاحتلال، وعلى الرغم أنني كنت تحت عدسة الكاميرات والبث المباشر لكوني قريب مباشر للأسير، كنت على مرأى الجميع.

قام جهاز الوقائي باعتقالي، وعلى اثر تدخلات افرج عني بعد ٣٠ ساعة، مع بطاقة مراجعة في الأسبوع المقبل والتي رفضتها، ومضى ٥ شهور على هذا الحال وأنا على مقاعد الدراسة بالجامعة.

اعتقال وتعذيب مدبر

أرسلت المخابرات إلى البيت طلب استدعاء وخلال تقديم الطلب قامت جهة متعاونة بإطلاق النار قرب البيت، وبالفعل ذهبت لمقابلة المخابرات حيث أخبروني أن الذي حماني في المرة السابقة ليس موجوداً، وبالفعل تم إعادة فتح نفس القضية التي مضى عليها 5 شهور.

أعاد المحقق سؤالي عن اطلاق النار أثناء استقبال الأسير واثناء الطلب، فأبلغته أنه لا صحة لهذا الاتهام وأنه مدبر من نفس الجهة، وبعد تدخل من أفراد العائلة والذين تربطهم علاقات قوية بالأجهزة الأمنية، تم الافراج عني بعد ساعات طويلة من التحقيق.

بعد أربعة أيام، أرسل لي ضابط في المخابرات وقام بضربي بسيارته وقمت بالدفاع عن نفسي أثناء الشجار، وتوجهت للاستخبارات لتقديم شكوى بحقه ومع الأسف تم اعتقالي من قبل الاستخبارات وتسليمي للشرطة، وأمضيت ١٢ يوماً قبل أن يوقع القاضي على كفالة للخروج.

وأثناء خروجي من باب السجن تم اعتقالي مرة أخرى وتحويلي للمباحث العامة وتعرضت للتحقيق والتعذيب الجسدي والنفسي، على نفس التهم الموجهة باستقبال أسير محرر وإطلاق النار.

وبعد ٤ أيام في تمام الساعة ١٢ مساءً تم تحويلي إلى المخابرات العامة وجرى التحقيق بصورة أوسع ووضعي في السجن الانفرادي والشبح والصلب والضرب، كنت أقف في زنزانة لمدة ١٠ ساعات مقيد للخلف معصب العينين مراقب من سجان إذا حاولت أن اجلس يبدأ بتهديدي وبعض الأحيان يضربني.

في اليوم التالي قدموا لي افادة بالتهم الموجهة للتوقيع عليها ولكن رفضت التوقيع فانهاروا علي بالضرب والتهديد بالتحويل إلى مسلخ أريحا، فأخبرتهم بصريح العبارة لن أوقع على شيء لم أقله ولم أفعله.

مسلخ أريحا

وبالفعل بعد 5 أيام قاموا بنقلي إلى مسلخ أريحا، حيث تنعدم الانسانية والأخلاق والوطنية، وأشبه بعصابة مافيا حيث خدم معظمهم في غزة، وممتلئين بالحقد، ونقلت مقيد وأثناء نزولي من الباص قال لي الضابط أين أنت فقرأت مركز تحقيق المخابرات المركزية وقلت له بما قرأت، فضربني وقال لي أنت في مسلخ أريحا.

وهناك أمضيت ١٢ يوماً تحت التعذيب ولشبح والتعليق والضرب من أشخاص لا يفهمون ولا بقتنعون، ولا يؤمنون إلا بخيار التعذيب، مرحلة صعبة كانت على ذمة المحافظ انتهكوا فيها خصوصية حساباتي الشخصية، وكل التحقيق يدور حول انتمائي الحزبي وحيازة سلاح، ولماذا ضربت الضابط الذي صدمك وهو كان دفاع عن النفس.

انتهت مدة الاعتقال وأفرج عني، وكان من أعظم الأيام في حياتي تلقيت استقبال كبير ومحبة من كل قريتي، ولكن خسرت الفصل الأول من الجامعة وحاولت أن اكمل الفصل الثاني في عام ٢٠١٩ تبين أن ما حصل معي لم يروق لمن ظنوا أنني خلف الشمس ولن أعود بشموخ ونصر.

مجدداً قامت الأجهزة الأمنية باقتحام البيت وتفتيشه، واعتقالي بنفس الطريقة إلى الشرطة ومن ثم المباحث ومن ثم اللجنة الأمنية وهي الأكثر بشاعة وانعداماً للإنسانية، حيث قال لي الضابط قبل النقل  إن لم تسلم سلاحك ستنقل إلى اللجنة الأمنية فقلت له انقلني إلى المشانق فأنا لا املك إلا فكراً يرفض الركوع إلا لله.

وبالفعل نقلوني مع شخص أمضى مسافة الطريق بالبكاء، وعند دخولي مربط ومعصب صدمت بالحائط بأقسى طريقة وضرب من الظهر وعلى الرأس والوجه وبدون تردد قلت له، طخني أريحلك، فأخبرني بأنه ليس بعد أن يأخذ ما يريد، وأمضيت 20 يوماً من الشبح والضرب والسؤال عن أموال لا أعرف عنها شيء، وأمور لا تخدم سوى الاحتلال.

استنفاذ الوسائل

استنفذوا كل الوسائل ولم يتركوا شيء إلا فعلوه معي خلال التحقيق، في حين أهلي لا يعلمون شيء عن مكان اختطافي حيث التعليمات المشددة بالتكتم على مكاني لكي لا يتدخل أحد للإفراج عني كما حصل في المرات السابقة.

وخلال التحقيق والتنكيل وضعوا أمامي كل الملفات السياسية ونشاطات الأسرى ورفع العقوبات عن غزة، كانت هناك محاكم شكلية القاضي مجرد شخص ليس بوسعه أن يفعل شيء كان قرار القاضي من تأشيرة المحقق ومسؤول الملف.

خسرت اليوم جامعتي وأحاول أن استرد ما ضاع مني، وتضميد جروحي واحمل هويتي وأقول لو كانت من الاحتلال لما كانت بذلك النخر، سلامُ للشهداء الحرية للمتعلقين السياسيين العار للاحتلال وأعوانه.

الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق
إغلاق